Webmail - login

     

 

 
 

ما بين السّاعة الأولى والأخيرة

الأخت كلارا المعشر

 


في الأحد الخامس والعشرين من زمن السّنة العادي، يقدّم لنا الرّبُّ يسوع مثل " عمّال السّاعة الأخيرة " والّذي عندما نقرأه تتزاحم الأسئلة في عقولنا ونستخدم جميع أدوات الاستفهام والتّعجب، فهل يُعقل أن يُعطى العامل الّذي عمل مدة ساعة واحدة الأجر ذاته الّذي سيُعطى للعامل الّذي عمل طول النّهار؟


فهل العدالة هي المساواة بين عامل السّاعة الأولى وعامل السّاعة الأخيرة ؟

الجواب يعتمد على الزّاوية الّتي يُقرأ منها هذا المثل والرّمزيّة الّتي كُتِبَ فيها، فهو لا يقصد بطريقة مباشرة عمل وأجور يوميّة، إنّما النّص أعمق من ذلك بكثير، فالمالك هو الله تعالى، ونحن العملة في حقله، ويوم العمل هو حياتنا، البعض يلبّي نداء الرّبّ للعمل في حقله في عمر مبكّر، وآخر في متوسط العمر، وآخر في خريف العمر، فالمهم ليس مدّة حياتنا أو عملنا، بل كيف نعيش وكيف نعمل؟

فالحياة لا تُقاس بساعاتها، بل بكيفيّة عيشها. إنّها ميزة حظينا بها لنُدعى للعمل في حقل الرّبّ بصرف النّظر عن " من أنا" و" من أنت" وما هي دعوتك سواء كنتَ عازبًا أم متزوجًا أم مكرّسًا أم كاهنًا.

إنّها ميزة أن نخدم الرّبّ دون حساب التّكلفة. لا أحد في هذا النّص عُومِلَ بطريقة غير عادلة، فالرّب يعطي الإنسان أكثر مما يستحق، وعطاياه لا تعتمد على عدد ساعات العمل، فالمثل لا يتحدّث عن النّاحية الاقتصاديّة بل عن نعمة الله، والنّعمة لا يمكننا اكتسابها أو استحقاقها، بل تُعطى لنا بمجانيّة وحسابات الرب تختلف عن حساباتنا، فعمال السّاعة الأخيرة، هم من أُعطوا أولًا، لذا علينا ألّا ننشغل بما يُعطى للآخرين، بل أن نكون سعداء بما أُعطينا.

يختم القدّيس متّى إنجيل هذا الأحد بالآية ( وهكذا يصير الآخرون أوّلين ،والأولون آخرين )وخير مثال على الآخرين الّذين صاروا أوّلين ،معلّمنا بولس الّذي كان يضطهد المسيحيين، ثمّ آمن وأصبح رسول الأمم أمّا مِنَ الأولين الّذين صاروا آخرين فلا أحد يزاحم يهوذا الإسخريوطي الّذي كان من التّلاميذ الأوّلين المقرّبين ،ولكن خيانته لمعلّمه ،رمت به إلى آخر الآخرين.


أحدًا مُباركًا أتمناه لكم أحبّتي

 
 

HOME