Home English اتصلوا بنا سجل الزوار

الدعوة الرهبانية

رهبنة الوردية المقدسة

 

روحانية رهبنة الوردية

 
 

الموهبة العامة

 
     
 

" وهي الغاية المقصودة من سائر الرهبانيات، ونعني الانسلاخ عن العالم وملاذه والتفرغ للعبادة وتكريس الذات لخدمة الله وخدمة كنيسته المقدسة طلبا لمجده تعالى الأعظم وتقديس نفوس الراهبات بحفظ النذور الثلاثة وإتقان رعاية القوانين والفروض الرهبانية وممارسة الفضائل".

   
 

الموهبة الخاصة

   
 

C تربية الفتيات الفقيرات واليتيمات بإنشاء مدارس داخلية وخارجية لتعليم المبادئ المسيحية والأشغال اليدوية. هذه وسيلة عظمى لامتداد ملكوت الله وخلاص النفوس ولنشر التهذيب الديني والأدبي فيما بين هؤلاء الفقيرات المسكينات.

C لعمري أية مدينة أحق من أورشليم بأن ينشأ فيها رهبانية غايتها التأمل في الأسرار الربانية، وهي هي عينها مستودع الأسرار الإلهية ومرعى المشورات الإنجيلية ومنشأ العبادة لوالدة الإله مريم الدائمة البتولية. ولهذا لقّبت بالوردية إكراما للأسرار السيدية المحصورة بنسق المسبحة الوردية ثم إكراما أيضا لمريم البتول سلطانة الوردية ولا سيما حيث لم تلقب جمعية قبلها بهذا الاسم .

C التعبد لمريم سيدة الوردية بالإقتداء بها وبتلاوة مسبحتها الوردية.

وخلاصة القول في هذا المجال، فقد كانت الفتيات والنساء في حكم الموتى، دينيا وروحيا وثقافيا واجتماعيا، فلم ترضَ الأم البتول سيدة الوردية لفتيات بلادها أن يبقين على هذه الحال. فجاءت تطالب بتأسيس رهبانية الوردية وكأني بها تأخذ بيد فتيات بلادنا ونسائها ولسان حالها يقول لكل منهنّ، ما قاله السيد المسيح عندما أقام من الموت ابنة رئيس المجمع " طليتا قومي " أي يا صبية أقول لك قومي (مر 5/41) .

 

 

    الأهداف الروحية

   
 

أ‌-  روحانية الوردية لراهبة الوردية

الأهداف العامة لكل رهبانية ولكل راهبة هي السير في طريق الكمال الروحي من خلال ممارسة المشورات الإنجيلية: العفة، الفقر، الطاعة. ولما كان لكل رهبانية بالإضافة إلى ذلك طابع خاص لروحانيتها، فقد أرادت الأم البتول، طابعا خاصا لرهبانية الوردية يربط الراهبة بالأرض المقدسة والسماء، بسريّ التجسد والفداء، وذلك من خلال تلاوة السبحة الوردية والتأمل فيها، حيث تقتدي الراهبة بالأم البتول فتحفظ كلمة الله وتتأملها في قلبها فتصبح السبحة الوردية غذاء روحيا لها وسلّما للقداسة، يربط أفراح حياتها وآلامها وأمجادها بالسماء بحيث تصبح الوردية مدرسة لحياة القداسة اليومية وامتدادا لحياة مريم سيدة الوردية في شتى مرافق الحياة.

 

إن روحانية الوردية رباط مقدس ومميز يربط راهبات الوردية بالعذراء سلطانة الوردية وبالأرض المقدسة ذات الطابع الروحي والتاريخي المقدس : أرض التجسد والفداء، مهد الكنيسة وبشرى الخلاص لجميع الشعوب... فالأم البتول هي أولى من كرست ذاتها لله في هذه الديار المقدسة وهي المثال الأعلى لكل فتيات وطنها اللواتي يكرسن ذواتهن لله لفلا غرابة.

 

 أن تتميز رهبانية الوردية بروحانية مريمية صرفة، وروحانية الديار المقدسة وأسرار التجسد والفداء والقيامة. ولا غرابة أن تتوجه راهبة الوردية إلى تطبيق عملي وروحي مستمر لدروس الوردية في حياتها الرهبانية والرسولية، أي أن تجمع بين التأمل المجدي والتطبيق العملي_ بنعمة الله_ لتعيش الفرح والحزن. والفرح الروحي الحقيقي هو نتيجة الانتصار في المعركة، والانتصار يتطلب جهدا وكفاحا وألما لطبيعتنا المجروحة. ألم تندمج أفراح مريم بأحزانها، وأحزانها بأفراحها، قبل أن تتكلل كلها في فرح القيامة ؟

   
 

إن الأم البتول لتدعو كل راهبة إلى أن تجعل من السبحة الوردية اليومية مدرسة للحياة اليومية. وقد أوضحت رغبتها مرارا بأنها تريد أن تتلى الوردية في أديرة الرهبانية ليل نهار بالمناوبة ومع البنات، كل راهبة بدورها وهي ساجدة أمام مذبح الوردية. فالوردية للراهبة وللأسرة المسيحية هي مدرسة تأمل وصلاة، احتلت منزلة الشرف ومنحت اسمها للرهبانية الجديدة.

 

 

وقد اعتبر قانون الرهبانية لسنة 1897، صلاة السبحة الوردية كاملة بمثابة صلوات الفرض المفروضة على الرهبان وقال :" ويُفرض كذلك  وجوب الصلاة اللفظية في الأوقات المعينة لها... وصلاة السبحة الوردية كاملة المفروض تلاوتها يوميا على جميع الراهبات في الكنيسة أو في معبد الدير وهنّ جاثيات منقسمات إلى صفين كما يتلو الرهبان صلوات الفرض في خورس الكنيسة وذلك بالترتيب والتأني..." (المادة 69).

وقد كتب الأب يوسف طنوس للأخت روجينا الوردية (3/8/1989) قائلا:" إن الرهبنة لا تتوطد ولا تنتشر ما لم تتوطد وتنتشر أولا وتتشيّد في قلوب الراهبات... فعبثا نتعب وجزافا نعدو إذا لم يكن متأصلا في قلوب الراهبات ومنتشرا في سلوكهنّ الرهباني الذي هو روح يسوع وروح الصليب روح الموت وروح التواضع وروح المحبة، وليس ذلك في الكلام والاشتياق والشهادة، لكن في بذل الذات وفي العمل. ودليل ذلك حفظ القوانين وممارسة الفضائل الرهبانية".

 

 

  الأهداف الرسولية

   
 

منذ تأسيس الرهبانية انحصرت الدعوات فيها في الفتيات العربيات، وكان الهدف ولا يزال مزدوجا وهو تسهيل دخول الحياة الرهبانية على الفتيات الوطنيات كي يقمن بخاصة في أبرشية القدس، من خلال أصلهنّ ولغتهنّ وعاداتهنّ، بأعمال التربية وحمل بشرى الخلاص في الأوساط العربية. إنهنّ من صلب هذا الشعب، يدركن عقليته وأنماط سلوكه ويرضين بمشاركته في فقره وخشونة عيشه، ويتصدين للمشقات والشدائد، ويتدربن على الرسالة ويصبحن أداة فعّالة لتحرير المرأة ورفع مستواها وتثقيفها دينيا واجتماعيا وإنسانيا .و

وقد عبّر قانون الرهبانية لسنة 1897 في الصفحة الأولى والثانية منه، عن هذه الحقائق قائلا:" فالإقتداء بمثل السيد المسيح له المجد، قد كثّر في هذه الأقطار عدد البنات التقيات اللواتي رغبن بإلهام رباني في اعتناق العيشة الرهبانية ليبذلن ذواتهنّ في سبيل خلاص القريب ولا سيما الفقير والمسكين وجعلن منهاجهنّ تثقيف الفتيات المخذولات بمبادئ الدين والتقوى لئلا تبقى بنات هذه القرى والأماكن الصغيرة في حيز النسيان... ولما كان عدم معرفة اللغات الأجنبية مانعا لكثير من بنات المشرق عن حسن القيام بفروض الطريقة الرهبانية إذا انخرطن في سلك إحدى الأخويات الموجودة في هذه البلاد أحوج الأمر إلى إنشاء رهبانية جديدة ينتظم في عقدها كل من أرادت من بنات أورشليم والمشرق أن تتخلص من عراقيل هذا العالم الغرار وتعكف على تمجيد الله... وذلك تحت ظل البتول المجيدة سلطانة الوردية وفي جوارها المنيع".

 

 

لقد كانت حاجة الرعايا كثيرة في القرى والمدن الفلسطينية والأردنية في البطريركية اللاتينية لراهبات وطنيات يقمن بمهمة تثقيف النساء والفتيات وتعليمهنّ التعليم الديني.

ففقد حققت رهبانية الوردية المقدسة بكل فخر واعتزاز هدفا رئيسيا من الأهداف التي توختها الكنيسة من إعادة تأسيس البطريركية اللاتينية. فمنذ تأسيس الرهبانية خدمت راهبات الوردية في رعايا الأبرشية ومدارسها بإخلاص وقدمن تضحيات كبيرة. فكانت الراهبات سندا للكهنة في المجالات التربوية للإناث. ويرى كهنة البطريركية وراهبات الوردية في هذا التعاون تدبيرا من العناية الإلهية، وكان لصلاة السبحة الوردية فعلها في العمل الرعوي في أبرشيتنا المقدسية.

 

حقا إن ما اتصفت به راهبة الوردية من الغيرة وسلامة القلب وحب الخدمة الرسولية واحتمال المشاق وشظف العيش وحبها للأم البتول ومواظبتها على تلاوة الوردية والتأمل فيها، كل ذلك كان عاملا فاعلا قرّب النساء والفتيات من الله ومن الكنيسة وغيّر الكثير من العوائد الناجمة عن الجهل. إن نجاح راهبات الوردية في هذا المجال ظاهر كالشمس للقاصي والداني في فلسطين والأردن ولبنان والخليج وروما ومصر وسوريا. وقد تخرّج على أيديهنّ من مدارسهنّ عشرات الآلاف من البنات منذ تأسيس الرهبانية حتى اليوم.

 فقد تأسست الوردية لتشمل بعنايتها وخدمتها المرأة العربية، في أرجاء الوطن العربي الغالي بروح البذل والتفاني والإخاء، لا هدف لها سوى انتشال الفتاة والمرأة من حمأة الجهل، وهوة الضياع، وبئر التهميش السحيقة، من خلال تثقيفها وترسيخ مبادئ الصدق والأمانة والمواطنة الصالحة فيها، وغرس بذور الفضائل الإنسانية، والأخلاق الحميدة في نفسها وتنميتها بماء البذل والتضحية.

وتقوم رسالة الوردية ومنذ نشأتها،على خلق جيل منتم واع وأصيل، دون تمييز على أساس الجنس أو اللون أو الدين، مع تقدير ومراعاة واحترام الاختلافات والانتماءات والمعتقدات الدينية، منتهجة بهذا - كما هو سبرها وسيبقى- سياسة متزنة صادقة تخدم رسالتها الإنسانية والتربوية والاجتماعية دون محاباة أو تحيز أو تفريق .

فالوردية أُنشئت لتعليم وتثقيف الفتاة العربية وتسليحها بكل ما من شأنه أن يحفزها ويساعدها على القيام بدورها،على أكمل وجه، وتبؤ مكانتها الحقيقية في مجتمعها،وتهيئتها لأن تكون عضوا نشيطا فاعلا، وأمّاً صالحة جيدة الأعداد، لترفد الوطن العربي، أنى تواجدت وحيثما حلت، بأبناء وبنات قادرين على التفاعل الواعي، وتحدي الصعاب والمعيقات، واستيعاب كل ما يستجد على الساحة العالمية في عصر تفجّر المعرفة وتعدِّد مشاربها، وتشعب مصادرها وتنوع أهدافها.

 

 

   الخدمات الراعوية : " الحصاد كثير " (لوقا 1/2)

   
 

منذ تأسيس الرهبانية، قام تعاون رسولي وثيق بين راهبات الوردية وكهنة رعايا البطريركية اللاتينية فكانت الراهبات سندا راعويا للكهنة، وكان الكهنة سندا روحيا للراهبات. أما أهم مجالات التعاون فهي:

 

 أ‌-    المدرسة

تقوم راهبة الوردية بمهمة معلمة الدين المسيحي والمديرة والمعلمة وتشرف على حسن سير الأمور في المدرسة وعلى رفع مستواها لتكون في طليعة المدارس علميا وتربويا ومسيحيا.

 

     ب-   الكنيسة

إن لراهبات الوردية فضلا عظيما على الكنائس الراعوية التي تعمل بها . فهنّ المسؤولات عن خدمة السكرستيا والكنيسة. وكنّا نرى دوما لفيفا من بنات المدرسة أو الرعية المتطوعات لمساعدة الراهبات في خدمة الكنيسة. وفتيات اليوم لسن أقل استعدادا للتطوع في خدمة بيت الرب من فتيات الأمس. إنما ذلك يتطلب قالبا جديدا وثوبا جديدا وتوجيها وتنظيما في الخدمة. إننا نحس في حقيقة الأمر توجها متزايدا لدى الشباب والشابات إلى الخدمة المجانية، التطوعية وبخاصة لكل ما يختص بالكنيسة وأعمال الرسالة. ولكنهم يعانون من نقص في التوعية على المعاني الروحية والكنسية : إن مثال محبة الكاهن والراهبة للكنيسة والعطاء دون حساب هو ما تحتاج إليه الشبيبة. غيرة الكاهن والراهبة على بيت الله تأكل أيضا الشباب والشابات.

 

    ج-   زيارة العائلات

من أهم الأمور الراعوية التي تتطلب التنسيق والعمل المشترك بين كاهن الرعية وراهبات الرعية: زيارة العائلات وبخاصة العائلات الفاترة في حياتها الروحية والدينية، والعائلات التي قلما تكترث لتربية أبنائها تربية دينية.

في كل رعية عدد من العائلات التي لا تمارس واجباتها الدينية وما أسهل على الراهبات أن يزرن تلك العائلات وأن يقمن معها ومع بناتها علاقة معرفة وصداقة ثم علاقة روحية ودينية. كثير من فتياتنا اليوم يتعرضن لمختلف الأخطار الروحية والأدبية والأخلاقية لقلة من يهتم بهنّ ولقلة من يوجههنّ ويسدي لهنّ النصح والإرشاد.

المدارس تضم عددا من فتيات الرعية والأخويات تضم عددا آخر. ولكن قد يكون العدد الأكبر خارج عن نطاق المدرسة والأخويات فعلى الراهبات والكهنة أن يعملوا من أجل هذه الفئة التي ليست في متناول اليد.

لقد ورد في حياة الأم ماري الفونسين في يافا الناصرة، أنها لم تكن تكتفي بأن تأتي الفتيات والنساء إلى الكنيسة، بل كانت تذهب إلى البيوت لتحثهنّ على القيام بواجباتهنّ المسيحية. إنها مثال نيّر لراهبات الوردية في هذا العمل الراعوي في أيامنا الحاضرة.

في بعض الرعايا قد تتراكم الأشغال والمسؤوليات على الراهبات، إلا أنه لا بدّ من تنظيم الوقت ومن إعطاء الأولوية للأعمال الرسولية الأكثر أهمية من غيرها. وزيارة العائلات أمر تربوي وذو أهمية قصوى روحيا ودينيا. فلا بدّ من أن يكون له الصدارة على الكثير من الأعمال الأخرى التي تقل قيمة عنه روحيا ودينيا وتربويا.

وجدير بالذكر أننا لا نعني بالزيارة، زيارة المجاملات والمناسبات كالمباركة في إكليل أو تقديم التعازي بل نعني الزيارات التي تذهب فيها الراهبات إلى البيت للتحدث عن الله وعن أوضاع الأسرة الروحية والاجتماعية، ولربط علاقة المحبة والمودة الإنسانية والروحية مع فتيات تلك العائلة لكسب العائلة برمتها لله وللكنيسة. 

إن الزيارة الجادة للعائلات المسيحية ضرورة دينية وتربوية ملّحة. ويجب أن تبقى الزيارة للأسرة في مكان الصدارة من النشاطات الرسولية التي يقوم بها كاهن الرعية وراهبات الرعية. وهذا يتطلب لدى الراهبات والكاهن استعدادا نفسيا للتضحية وللقيام بالزيارة، كما يتطلب برنامج عمل منظم للزيارات وخارطة روحية للرعية لكي تعطي الأولوية في الزيارة للأسرة التي هي بحاجة إليها أكثر من غيرها.

 

   د- التعليم المسيحي خارج نظام المدرسة

كثيرون من المسيحيين لمختلف الأسباب لا يرسلون أبناءهم إلى مدارسنا، عدد من الكهنة يقومون بدورة تعليم مسيحي مكثفة للمناولة الأولى والتثبيت أثناء العطلة الصيفية الكبرى. وهذا بالطبع لا يكفي . إن معالجة الموضوع تتطلب تعاونا وثيقا بين الكاهن والراهبات وعدد من العلمانيين المستعدين للخدمة الدينية التطوعية، لتنظيم تعليم الدين لتلك الفئة من الطلاب أقلّ ما يكون مرّة في الأسبوع .

 

 
 

   هـ - حياة الراهبات الروحية

إن الكاهن يضمن للراهبات القداس اليومي وإمكانية التقدم من سرّ التوبة، وهو من حيث المبدأ على استعداد للقيام بالوعظ المناسب لحياتهنّ الروحية ولثقافتهنّ.

إن العطاء الرسولي في رعايانا بين كاهن الرعية وراهبات الوردية، لكي يكون مثمرا لمجد الله وخلاص النفوس، يجب أن ترسو قواعده على مبادئ التعامل الإنساني والتفهم المتبادل والتعامل المسيحي المبني على الإيمان والخضوع للكنيسة، وعلى الحوار من حين إلى آخر في أمور الأعمال الرسولية لإعادة النظر بالنشاطات الراعوية المختلفة.

 

 
   
 

أعمال الرحمة الجسدية والروحية " كنت مريضا فزرتموني "    

   
 

 

للتعرف على أهداف الرهبانية في هذا المجال، لا بدّ من الرجوع إلى المؤسسين الأم ماري الفونسين والأب يوسف طنوس لنتلمس في تصرفاتهما وفي حياتهما المكانة التي خصصاها للنواحي الإنسانية، ولما طالبا به الرهبانية والراهبات بالنسبة للفقراء والمحتاجين.

 

أ- المشاغل والمياتم وبيوت العجزة

كان الأب يوسف طنوس قبل وفاته ينوي إنشاء ميتم للفتيات في بيت لحم على غرار ذاك الذي أقامه الأب بللوني للأولاد على أن تضاف إليه مدرسة الخياطة والتطريز وكان القصد مساعدة الفتيات المعوزات على إيجاد وسيلة لكسب المعيشة.

وبعد وفاته بسنة طلب البطريرك إلى الأم ماري الفونسين أن تتوجه إلى بيت لحم في حزيران 1893 لتنشئ مشغلا للخياطة ولتعليم الفتيات الفقيرات. وبعد اطلاع الرئيسة العامة على الأمر تقرر ايفادها توّا إلى بيت لحم برفقة الأخت جوزفين أبو صوان، وهي راهبة شابة أنهت مرحلة الابتداء منذ وقت قريب. ويوم عيد قلب يسوع الأقدس توجهتا إلى بيت لحم وعرجتا على كاهن الرعية.

ومنذ اليوم الأول أقبلت اليهنّ أفقر عائلات بيت لحم، وبدأن يتعلمن مبادئ القراءة والكتابة. ثم تقرّر تدريبهنّ على أعمال الخياطة والتطريز وصنع السبحات. وبلغ عدد عاملات المشغل خمسين فتاة. وكن يخطن الملابس ويطرزن المناديل ويحكن أردية الهيكل وكان رهبان القديس يوحنا عبد الإله الذين كان مقرهم على رابية الطنطور في بيت لحم يستغلون نفوذهم الواسع لاستقطاب أكبر عدد من المشترين لنتاج المشغل، وإذا به يدرّ بعض الربح، فقررت القائمات عليه دفع أجرة أسبوعية للفتيات.

وعملا بوصية الأم ماري الفونسين قبيل وفاتها، فتحت المدرسة أبوابها لاستقبال اليتيمات بعد أن أنشئ لهنّ قسم داخلي خاص. فلم يعد البيت يتسع لكل هذه المشاريع فكان لا بدّ من الانتقال إلى مكان آخر.

وفي عام 1910 امتلكت الرهبانية في عين كارم، منزل دانييل غطاس وهو يقع في محاذاة كنيسة الزيارة. وقررت المسئولات عام 1917 تحويله إلى ميتم، وعهد بمهمة إنشائه إلى الأم ماري الفونسين، فغادرت القدس وهي في الرابعة والسبعين من العمر عائدة إلى منزلها الريفي القديم حيث كان يطيب لها قضاء العطلة الصيفية أثناء الطفولة والحداثة ولم تكن في شيخوختها أقل سعادة من السابق، فمضت سعيدة إلى ذلك المنزل الغالي الذي ستكرس فيه قواها الأخيرة لخدمة الآخرين.

إن الرهبانية قد وجّهت جلّ اهتمامها إلى المدارس إلا أن لها ميتما أخر في ماميلا/ القدس وبيتا للعجزة في روما .

 

 

ب- العيادات والمستشفيات

 

مستشفى راهبات الوردية – اربد

 

 

 تأسس مستشفى راهبات الوردية في مدينة اربد في منطقة البارحة عام 1951م، اقتصرت خدماته الصحية على الأمراض النسائية والتوليد والخدمات الصحية الاولية، لكنها لبّت الحاجة الماسة لمثل هذه الخدمات الأساسية في المنطقة.

 وفي عام 1968م تم تطوير المستشفى ليواكب الحاجة المتزايدة للخدمة الصحية ليشمل الجراحة والأمراض الباطنية بالإضافة إلى النسائية والتوليد.

 في عام 1985م تمّ إنشاء مبنى جديد للمستشفى على مساحة 18 دونم من الأرض الواقعة على مدخل مدينة اربد على طريق اربد – عمان ( الحي الجنوبي )، ليخدم آلاف المواطنين في منطقة الشمال بشكل عام ومدينة اربد بشكل خاص، حيث تم تحديثه ليواكب التطورات الطبية والتقنية الحديثة لتقديم الخدمة الصحية الأفضل للمواطنين.

 يتسع مستشفى راهبات الوردية لـ 150 سرير، إلا أن الأسرّة الموجودة حالياً 68 سرير، يشغّل المستشفى أكثر من 100 موظف من الكفاءات المحلية، وكادر تمريضي مؤهل علمياً وعملياً وكادر إداري وفنيين، كما يستقطب أطباء وأخصائيين بعدد يتجاوز 40 أخصائي من أفضل الكفاءات الطبية في المملكة وفي منطقة الشمال بشكل خاص كما يستقبل خريجي كليات الطب لتدريبهم سنة الامتياز.

 

 يتكون مستشفى راهبات الوردية من الأقسام التالية:

 مجهزة بأحدث التقنيات ليشمل كافة الخدمات الطبية والاختصاصات:

·        قسم الطوارئ – 24 ساعة متواصلة.

·        قسم الباطني والجراحة

·        قسم النسائية والتوليد

·        قسم الخداج والأطفال

·        وحدة غسيل الكلى وتشمل 8 أسرة مجهزة بشكل كامل لتلبي الحاجة المتزايدة لمرضى غسيل الكلى من القطاع العام والخاص.

·        قسم العناية الحثيثة

·        قسم الأشعة

·        المختبر

·        العيادات الخارجية

·         وحدة المناظير المعدة والامعاء (G I Tract and ERCP)

·        قسم العمليات: ويتكون من اربع  غرف عمليات مجهزة بشكل كامل، وتُجرى فيها جميع العمليات الجراحية عدا عمليات القلب المفتوح منها:

 

-    جراحة عامة مفتوح وبالمنظار

-    جراحة العظم والمفاصل ( تركيب مفصل الركبة، الحوض، الكتف ) تطويل الساق بواسطة جهاز لازاروف

-   جراحة الدماغ والاعصاب، الجراحة العامة مفتوحة وبالمنظار والديسك والعمود الفقري

  جراحة الامراض النسائية والولادة

-     جراحة المسالك والكلى

-   جراحة التجميل والحروق

  جراحة الانف والاذن والحنجرة

-     جراحة العيون

 

 الإجراءات الطبية المتوفرة في المستشفى:

-     فحص الجهد للقلب Treadmill

    فحص القلب بالموجات Echocardiogram

    فحص الثدي Mammography

    فحص تشخيصي للامراض الباطنية والنسائية بواسطة جهاز  Ultra Sound

 

 تتوفر قاعة كبرى بسعة 300 شخص ضمن حرم المستشفى، تُجرى بها الاحتفالات والندوات والمحاضرات والاجتماعات الخاصة بالمستشفى.  

 كما يُعنى المستشفى بالمشاركة في الفعاليات المحلية والمؤتمرات الطبية والتمريضية، وعقد نشاطات مختلفة لترتقي بالمجتمع   إلى مكانة متميزة ومنها: حملة توزيع الكراسي المتحركة لذوي الاحتياجات الخاصة، وحملة عمليات الساد الأزرق للمرضى الفقراء بالتعاون مع كفاءات طبية محلية وعالمية، ومشاركة المجتمع وأردننا الحبيب في مناسباته واحتفالاته الغالية.

 يُعتبر مستشفى راهبات الوردية  مؤسسة غير ربحية تقدم الخدمة الطبية للفقراء وعامة الشعب والمحتاجين بأسعار مقبولة. لذا فإننا نعتمد بالدرجة الأولى على الموارد من مراجعي المستشفى من كافة شرائح المجتمع ولمنتفعي التأمين الصحي الخاص تأمين الجامعات والمؤسسات الكبرى ومنتفعي التأمين الصحي المدني ( وزارة الصحة). وبالدرجة الثانية من التبرعات والمساعدات التي نعمل على طلبها من  السفارات والمؤسسات الخيرية، سواء العينية كالأجهزة الطبية  وغيرها او النقدية اللازمة لتحديث وتطوير المستشفى. ومن السفارات والمؤسسات التي دعمت هذا المستشفى، السفارة  الألمانية، اليابانية الامريكية الكندية، النرويجية، والمنحة الامريكية (USAID) وعلى الصعيد المحلي جمعية الكاريتاس الخيرية والبعثة البابوية بالإضافة إلى الدعم المحلي من الرئاسة العامة .

 يقوم الأخوات راهبات الوردية بخدمة تمريضية متميزة تنبعث منها  الفرح والإخاء والسلام والطمأنينة التي  تجعلهن قريبات من المرضى والمحتاجين بحيث ترى الراهبة في كل مريض وفي كل متألم يسوع نفسه. لان المحبة المسيحية والخدمة الإنسانية لا تعرف الحدود. وهي قيمة إنسانية وروحية عالية يقبلها ويحترمها كل إنسان. وبذلك تعطي الراهبة  الأمل والنور لكل من هم بحاجة إليه.

 

 ومن الإعمال الخيرية التي يقدمها مستشفى راهبات الوردية :

§        معالجة مرضى فقراء مجانا ما يقارب 100- 150 حالة سنويا.

§        تقديم الولادة المجانية لذوي المكفوفين 120- 150 حالة سنويا.

§        توزيع كراسي متحركة لذوي الاحتياجات الخاصة.

§        إجراء عمليات للعيون ( الساد الأزرق) بالتعاون مع الفرق الطبية الأجنبية المتطوعة بتكلفة رمزية لما يقارب  200 عملية     سنويا اذ تم اجراء ما يقارب 600 عملية على مدى ثلاث سنوات متتالية. 

§        التعاون مع جمعية الكاريتاس الخيرية بتقديم الخدمات الطبية بأجور زهيدة.

§        التعاون مع الجمعية النرويجية لتقديم الخدمات الطبية لموظفي الجمعية أيضا بأجور زهيدة.

 

يتمتع مستشفى راهبات الوردية بالإضافة إلى الكفاءة الطبية والتمريضية العالية بالموقع والبناء المتميزين ، الخدمة الصحية الراقية والخدمة الفندقية الأفضل، والتطوير المستمر للمستشفى لمواكبة الحاجة المتزايدة للخدمة الطبية والرعاية الصحية وآخر المستجدات العلمية وتقديم الأفضل لكافة شرائح المجتمع ولمنتفعي التأمين الصحي الخاص ومنتفعي تأمين الجامعات والمؤسسات الكبرى.

 

وقامت إدارة المستشفى مؤخراً بأعمال بناء وتحديث وتوسعة للمستشفى لتعزيز هدفه بتقديم الخدمة الصحية الأفضل لكافة شرائح المجتمع الأردني، حيث تم صيانة وإعادة تأسيس وبناء للمرافق والبنية التحتية للمستشفى، شراء أجهزة طبية حديثة ومتطورة لأقسام المستشفى، وتطوير شبكة الحاسوب، وما زالت الجهود متواصلة لتسخير موارد المستشفى لتقديم أفضل خدمة صحية في المنطقة للمجتمع الأردني.

 

المستشفى في لبنان

منذ سنة 1973 وحتى سنة 1977 عملت عشر راهبات ممرضات في مستشفى القديس جورج للروم الأرثوذكس في بيروت، وقمن بذلك العمل الإنساني بتفان لا نظير له وبروح مسيحية مسكونية أصيلة. وقد تركنه على أثر حوادث لبنان الأخيرة وانتقلن إلى مستشفى سيدة المعونات في جبيل سنة 1977 وهو ملك للرهبانية المارونية اللبنانية، فأشرفت الراهبات على إدارته منذ تأسيسه وحتى نهاية سنة 1992. ومنذ سنة 1987 استملكت الرهبانية مستشفى الوردية الجميزة / بيروت .

نوجز فنقول إن اشتراكنا في رسالة الكنيسة من ميزات حياتنا المكرّسة في رهبانية الوردية: فحياتنا الرهبانية حياة رسولية. وإننا باعتناقنا المشورات الإنجيلية في جماعة أخوية قد اتّحدنا إتحادا خاصا بسر الكنيسة وبحياتها. وإنه لواجب ملحٌّ علينا أن نعمل بكل ما أوتينا من طاقة وبحسب نمط دعوتنا الخاصة، بالصلاة وبنشاط خارجي، على ترسيخ ملكوت المسيح وتعزيزه في نفوس الناس، ونشره في كل مكان. فإنه" كلما ازداد نشاطنا الرسولي وجب أن نعطي الأولوية للحياة الروحية." حتى عندما يتعلّق الأمر بالدّفع الذي يجب أن نعطيه لأعمالنا الخارجية، كان علينا أن نعطي المكان الأول للحياة الروحية دائما" . صحيح أن الحياة الروحية نفسها، في حياتنا الرهبانيّة الرسوليّة، يجب أن تكون مشبعة بروح رسولي. لكن لن يكون هناك عمل رسولي حقيقي ما لم تنعشه حياة روحية متأججة. فهي " روح كل رسالة " . وإذا ما شئنا أن نكون أمناء لدعوتنا في إتباع المسيح وأن نخدمه في أعضائه، يجب أن ينبثق نشاطنا الرسولي عن اتحادنا بالمسيح الذي قال :" أنا الكرمة وأنتم الأغصان ".