اسمها في الرهبانية الأم ماري ألفونسين. لكن اسمها الحقيقي
سلطانة. ولدت سلطانة في القدس في 4/10/1843 من أسرة مقدسية
تميزت بالتقوى والحياة المسيحية الملتزمة وحب الفضيلة
والخير. والدها دانيل غطاس، يعمل في القدس نجاراً ووالدتها
كاترينا ربة بيت تقية فاضلة. ولها ثلاث أخوات وخمسة إخوان.
البنات الثلاث اعتنقن الحياة الرهبانية وأخوها أنطون صار
كاهناً للرب.
أسرة مسيحية فاضلة. تصلي المسبحة يوميا وأحيانا مع بعض
الجيران أمام تمثال العذراء ومن حوله توقد الشموع ويحرق
البخور. وكلهم مواظبون على حضور القداس يوميا .
نالت سر العماد بعد شهر ونصف من مولدها ودعيت في العماد
مريم. وكانت طفولتها بسيطة عادية. ولم تظهر عندها في صغرها
أية دلائل على نعم عظيمة مما سيظهر عندها في ما بعد. هذه
الفتاة الصغيرة المؤدبة كانت أكثر أخواتها ورفيقاتها حياءً.
وتحول حياؤها تدريجيا إلى تواضع عميق جعل الناس يحبونها
ويقدرونها. وعاشت كسائر بنات القدس في ذلك الزمان. وكانت
قد ازدهرت في القدس آنذاك مشروعات الكنيسة الجديدة في حقل
التربية والتعليم. لكنها كانت أوفر حظاً ممن سبقنها من
الفتيات. فقد انصبَّ اهتمام البطريرك فاليرغا على تأمين
التربية والتعليم للأجيال الصاعدة. وجدير بالذكر أن حارس
الأراضي المقدسة قد طلب من راهبات القديس يوسف بفرنسا أن
يأتين إلى الأرض المقدسة لهذا الغرض. فلبت الرهبانية رغبته.
ووصلت راهبات مار يوسف إلى القدس في 14/8/1848.
التحقت سلطانة بمدرسة راهبات مار يوسف وتلقت فيها كسائر
رفيقاتها تربيتها الابتدائية والتأسيسية. وكانت طالبة
خلوقة مجتهدة. تتقدم في السن والحكمة وتتفوق على زميلاتها
علماً وأخلاقا... إلى أن أصبحت فتاة ناضجة.
وجاء اليوم الذي تحدثت فيه سلطانة مع أبيها وأمها عن
رغبتها في الدخول في رهبانية القديس يوسف. فلاقت من أبيها
وأمها معارضة عنيفة. لكنها توسلت في سرها إلى العذراء تبدل
موقف والديها وتلين قلبيهما وأن تسهل لها الأمور عليه.
في يوم من الأيام، وبعد أن توسلت إلى أبيها وألحت عليه
كثيراً، قال لها أبوها: (( وافقت يا ابتي. وسمحت لك بدخول
الرهبنة. فإني قد وعدت العذراء أن أمنح أبنائي الحرية في
دخول الدير إذا شاؤوا )).
فرحت سلطانة فرحاً عظيماً. وسرعان ما انطلقت لتزف بشرى
موافقة أبيها إلى راهبات مار يوسف اللواتي ما فتئن يشجعنها
ويصلين إلى الله من أجلها.
|