English

سجل الزوار

 اضفنا للمفضلة

اتصلوا بنا

الرئيسية

 

ميلاد الفرح والسلام

 

 
 

- ميلاد يسوع في الزمن : "لذلك يكون المولود قدوساً وابن الله يدعى"(لوقا 1، 35 ) .

لقد وُلد يسوع المسيح في هذا العالم وليس من هذا العالم ، هو لم يتطور خارج الزمن ، لقد أتى من الزمن ، أتى من الخارج.هو ليس الانسان الصائر الهاً ، بل هو الله المتجسد الصائر بشراً ، الآتي من الخارج ، من خارج هذا العالم ، من باب التواضع والوداعة ، من "نعم" مريم ، ميلاده حدثٌ ، ميلاده مجيء ، مجيء من الخارج.
 

 

2- ميلاد يسوع فيّ : يقول القديس بولس الى أهل غلاطية " أنتم الذين أتمخّض بهم مرة أخرى حتى يُصوّر فيهم المسيح..."(غلاطية 4، 19).هذا يعني كما أن المسيح جاء في الزمن من خارج التاريخ، يجب أن يأتي اليّ من الخارج.لأنني لا أستطيع أن أدخل في مجال ملكوت الله الاّ اذا وُلدت من الخارج ، من فوق ، من علُ ، بواسطة ميلاد جديد يختلف كلياً عن الميلاد الطبيعي. معناه " يجب أن أولد ثانيةً".

لكن لهذا الميلاد الثاني شروط وتحضيرات :
1- أن أقدّم ذاتي كلياً للمسيح حتى يتكون فيّ ، في داخلي
2- أن أقبل وأسمح لحياتي البشرية الشخصية أن تكون "بيت لحم لابن الله"
3- أن أقول "نعم" كما قالت العذراء للملاك ليتم التجسد.
كلنا نقول أننا نحمل المسيح في داخلنا ، وهذا صحيح ! ولكن كيف يتكون المسيح في داخلي وأنا "ممتلئ من ذاتي"؟ ولا مكان له حتى ليضع رجله أو يُدخل اصبعه؟؟ أي ميلاد ثانٍ يمكن أن يتم في داخلي اذا كان ممتلئاً بولادات بشرية تملأها الأنانية والحقد والكبرياء والتسلط والازدراء؟ انه لا مكان لولادة ثانية في داخلٍ لا يسكنه التواضع ولا تملأه الوداعة.

 
 

3- ميلاد يسوع في العالم: " المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام للناس الذين بهم المسرة" . ميلاد يسوع هو ميلاد الفرح والسلام.

- الفرح : فرحة الآب بارسال الابن الذي هو الأقنوم الثاني ليخلص البشر . السماء تمد يدها لتصافح الأرض ولتعلن السلام بين الله والانسان . هذا هو العهد الجديد الذي افتتحه المسيح بميلاده.


- السلام : ان المسيح هو اله السلام وقد بشّر ونادى بالسلام أكثر من مرة في الانجيل حتى انه قال : "طوبى لفاعلي السلام ... فانهم أبناء الله يدعون" (متى 5، 9). أي سلام يتحدث عنه المسيح؟ ليس فقط السلام مع الله بل السلام مع كل الذين نحن معهم في أزمة سلام.
أي سلام في العالم اذا كانت حقوق الأقلية مهضومة ؟ أي سلام بين الدول إذا كانت الدول الكبرى والقوية تحتلّ الدول الصغرى؟ أي سلامٍ اذا كانت الخلافات لا تزال قائمة على المطالبة بالحقوق الشخصية ؟ الكل يطالب بحقه وبحقوقه حتى داخل المجتمعات الواحدة وداخل البيت الواحد وداخل العائلة الواحدة.


كلنا نريد السلام !!! ولكن بشرط أن نكون "نحن" أو "أنا" في المقدمة ، وهذا ما يجعلنا كأمواج البحر ، نتخبّط في داخلنا ومن حولنا ولا نعرف السلام. طالما أننا في حياتنا نخدم اتجاهين أو هدفين "نحن" و"الله" ، فهناك دائماً نوع من التردد من الارتباك (perplexité). وهذا ما يجعلنا نفكر دائما في كل ما نعمله كيف أعمل ما يخدمني "أنا" وما هو دوري "أنا". نريد أن يكون الله هدفنا الأخير ولكن من خلالنا "نحن".

فأي سلام هذا ؟ المسيح واضح في الانجيل : "ما جئت لألقي سلاماً ... بل حرباً" (متى 10، 34) . معناه أن المسيح يحارب كل سلام لا يرتكز على العلاقة معه ، أو لا يكون هو الدافع اليه أو هو غايته الأخيرة. ما هو المانع اذا؟

ان في داخل كل منا وفي قلب كل منا، سرٌ صغير أو كبير، هناك شيء لا نريد أو لا نستطيع أن نتخلى عنه.

لكي نولد ثانية ، ولكي يولد يسوع في داخلنا ، علينا أن نقول "نعم"، أن نسير في النور، أن نتوق الى السلام اللاأناني السلام كما يريده المسيح: " سلام الحياة المستترة مع المسيح في " الله ".