Webmail - login

     

 

 
 

هنيئاً لكِ في مقامِكِ العالي في المجدِ السّماوي

 
 

 

عَرَفَ التّاريخُ رجالا ونساءً هُمْ كثيرين

لهُمْ أفضالٌ علينا سَمعنا عنهمْ متشكرين


على رأسِهمْ امرأةٌ مُلتحفِةٌ بالشّمسِ والقمر

هي مريمُ وابنُها يسوعُ بِهِما الكونُ اعْتمر


منذُ أذنبَ آدمُ وحوّاءُ أشْرَكانا في ذنبِهم

فجاءَ الوعدُ باختيارِ أمٍّ مِنْ أبناءِ جنسهم


ستكونُ أمّاً لمولودٍ سيكونُ مخلِّصَ البشر

يُصلِحُ الفسادَ ويبني جِسراً جديداً يا للخبر


عليها انتظرتِ الأجيالُ والشُّعوب

جيلاً بعدَ جيلٍ لِزوالِ شرٍّ مكتوب


لمّا حانَ الزّمانُ أرسلَ الله جبريل

بخبرٍ مُفرحٍ لنا وللعالَمِ ما لهُ مثيل


الإمْرأةُ الموعودةُ كانتْ بِنتا مِنْ الناصرة

مِنْ سِبطِ داؤودَ همُّها الصّلاةُ دوما ساهرة


هيَ أيضاً كانتْ بانتظارِ المخلّصِ لشعبها

وما خطرَ على بالِها أنْ تُعلِنَ لشابٍّ بحبها


كان الله حماها مِنْ كلِّ شائِبةٍ قدْ أصابتنا

لا عِلمَ لها بالخُطَّةِ الَّتي نحنُ مِنها استفدنا


أبْهرَها سلامُ جبريلَ دخلَ خُلوةً عليها

حيّاها باسمِ ربِّهِ خافِضَ الجَفْنِ امامها


اسْتغربَتْ مِنْ صوتِه وافتكرَتْهُ خيال

أمّا هو فقالَ ما أنا ساحِرٌ ولا محتال


ثمَّ أفهمَها بأنّها المختارةُ عند الله

لِتلدَ المخلِّصَ الموعودَ مِنْ سماه


أنتِ مختارةُ الله بينَ نساءِ العالمين

لتكوني الأمَّ والملجأَ للبَشَرِ أجمعين


إرادةُ الله هذي ما كانتْ لها واضحة

فاسْتفسَرَتْ عَنْ سِرٍّ لِتبقى الصّالحة


أنْقذها جبريلُ مِنَ الهمِّ والتَّردُدِ والانزعاج

بجوابٍ راكزٍ إذْ فحواهُ نورٌ كنورِ السّراج


روحُ الله يحِلُّ عليكِ لذا فابنُكِ هُوَ ابنُ الله

ستحبَلي بهِ وتبقي عذرى عَطِيّةٌ مِنْ عُلاه


بيدهِ كلُّ سلطانٍ سيجلسُ على عرشِ داؤود

هُوَ يسودُ على العالَمِ ولَنْ يبقى لِغَيرِهِ وجود


لِولادَتِهِ في بيتَ لَحْمَ تدخَّلَتِ السّماء

بمرسومٍ مِنَ القيصرِ نَوى الإحصاء


عادَ يوسفُ ومريمُ إلى مسقِطِ رأسهما

هُما مِنْ نسلِ داؤودَ ما مِنْ مناصٍ لهما


هُناكَ في ليلةٍ كالِحَةٍ ما كان أبْردَ منها

تمَّ زمانُها بمغارةٍ فولدَتْ بأعجوبةٍ ابنها


وضَعَتْهُ في مِذودٍ وكان القَشُّ هُوَ الفِراش

عَرَفَتْهُ الحيواناتُ فَرَقصَتْ أمامهُ كالفَراش


ملاكُ الرّبِّ راحَ يُذيعُ خَبَرَ وِلادَتِهِ للبشر

ابتداءً بِرُعاةٍ بَينَ أغنامِهِمْ مِنْ فوقِهِمِ القمر


هُمُ البُسطاءُ كانوا أوّلَ مَنْ آمَنَ بهِ وبرسالته

لذا ابْتَسَمَ لهُمْ في مذودِهِ وذَكَرَهُمْ في بشارته


ثمَّ توجّهَ برسالتِهِ العالميَّةِ لِشعوبٍ وأُمَمٍ وثنية

ظَهرَ نجمٌ غريبٌ لِمَجوسٍ قادَهُمْ لبلادٍ رومانية


على جمالهمْ أخذوا له هدايا مِنْ ذَهَبٍ ولُبانٍ ومرّ

رمزاً لمقامِهِ السّاميْ وتقديراُ لاختيارِهِ لهُمُ الْحرّ


بِهِمْ جَسَّمَ رسالتَهُ الّتي ستكونُ لكلِّ الشعوب

يحمِلُها قومٌ إلى قومٍ بشهادَةِ الحياةِ لا بحروب


لمّا سمعَ هيرودوسَ بميلادِ مَلِكٍ في مملكته

قرّرّ قتلَهُ والقضاءَ عليهِ خوفاً على سلطته


بإرشادِ ملاكٍ هرَبَ يوسفُ ومريمُ بيسوع

إلى مِصْرَ فنجى الطّفْلُ عَنْ طريقٍ مشروع


وبعد موتِ هيرودوسَ زالَ عنهُمُ الخطر

فأعطاهُمُ الملاكُ أمراً بالرُّجوعِ المنتظر


صارتِ الإقامةُ في النّاصرةِ بينَ يدَيْكِ يا مريم

أشْعَلْتِ فيها نارَ حُبّكِ لبيتِكِ وابْنِكِ وباقي الأمم


في سِنِّ الثّانيَةِ عَشْرَ أتْمَمْتُمْ مطاليب الشريعة

زُرْتُمُ الهيكلَ في أورشليمَ مَعْكُمْ فديةٌ وضيعة


في سنِّ الثّلاثينَ لابنِكِ ابتدأتْ حياتُه العلنية

شاركْتيهِ فيها علناً ورافَقْتيهِ بالصّلاة اليومية


تبشيرُهُ وتعليمُهُ ما كان يَعلى عليهِما تعليم

مبنيٌّ على المَحبّةِ والتَّسامحِ فالأساس سليم


كَثُرَتِ المُناوشاتُ والجِدالاتُ مَعَ أهلِ الكتاب

فخافوا على صِيتِهِمْ فوجدوا لِقَتْلِهِ عدّةَ أسباب


قالوا وصلَتِ الخِلافاتُ بينهُمْ إلى مِئَةِ خِلاف

هو يُطلِعُ مِنْ جُعبَتِهِ جديداً وَهُمْ سُنَّةَ الأسلاف


أسْلمهُ أحدُ أتباعِهِ المُقرَّبينَ طَمَعاً في المال

وَهْوَ لا يدري أنّهُ بِفِعْلِهِ حقّقَ للبَشَرِ الآمال


كان عذابُ ابنِكِ على الصّليبِ لا يُقاس

فأنتِ إلى جانبِهِ مسَّ قلبَكِ سيفٌ مَساس


نظرْتِ إليهِ تُؤاسيه وتُعزّيهِ بأنظارِكِ

فأعطاكِ لقباً أمَّ يوحنّا وأمَّنا لتتباركي


مَعَ يوحنّا ونيقودِمُسْ أنزَلْتُموهُ عَنٍ الصّليب

ووضعتُموهُ في قبرِ نيقودِمُسَ إذْ كان قريب


لكنّه لمْ يبقَ في القبرِ وما مسَّهُ العَفْنُ والفساد

بلْ قامَ بعدَ ثلاثةِ أيّامٍ فتجلّتْ فيهِ كلُّ الأمجاد


أربعينَ يوماً بعدَها ظلَّ يتجوَّلُ خُفْيةً وفي العلن

يُتَمِّمُ بِناءَ كنيسته ثُمَّ صَعَدَ عِندَ أبيهِ ليُهيِّئَ السكن


للتوِّ رافَقْتِ يوحنّا الحبيبَ في رِحْلاته

فكنتِ لهُ سنداً في تبشيرِهِ وفي صَلاته


في آخرِ حياتِكِ سَبَقْتِ يوحنّا إلى أورشليم

لتكوني قريبةً مِنْ قبرِ ابْنِكِ وهذا لكِ نعيم


آخِرُ الحياةِ هنا هِيَ عَودتُنا مِنْ حيثُ أتينا

وما مِنْ شواذٍ لنا فكلُّنا ننتظِرُ ساعةَ موتنا


بالنِّسبةِ لكِ يا أمَّنا وأمَّ ربِّنا فقد كانَ الموت

انتقالاً مِنَ الأرضِ إلى السّماءِ دون صوت


جاءَتِ الملائِكةُ حَمَلَتْكِ ورافَقَتْكِ إلى بيتِ ابنِك

فأنتِ ما كُنتِ ضحيَّةَ الخطيئةِ مِثْلَ أبناءِ جنسِك


نقَلَتْكِ الملائكةُ بالنّفسِ والجسدِ لا فسادَ فيهما

أدْخلوكِ المجدَ الأبديْ فصِرْتِ الشفيعة الأُمَّا


منذُ الّلحظةِ الأُولى فاحَ عِطرُكِ مِنْ قبرِكِ المحفور

بِرائِحةِ وَرد نادر ما لهُا شبيهٌ بينَ وُرودِ المعمور


قالوا يوحنّا وصلَ مُتأخِّراً مِنْ أفَسُسَ لِيَحْضَرَ دفنَك

وعندما فَتحوا التّابوتَ شعَّ نورٌ أبهرَ العُيونَ دونَك


هذهِ عقيدةُ إيمانِنا أنتِ ما مسَّكِ داءُ الخطيئة

أنتِ المختارةُ لا عَيْبَ فيكِ من الدَّنَسَ بريئة


هنيئاً لكِ في مقامِكِ العالي في المجدِ السّماوي

فغيرُ ابنِكِ ما حظى سِواكِ بذا النَّصيبِ النّهائي

 

الأب منويل بدر
 

HOME