سجل الزوار

 اضفنا للمفضلة

اتصلوا بنا

الرئيسية

 

السيــدة العــذراء والصــليب

 
 

من الصعب جدا أن نتكلم عن سيدة عظيمة بهذا المقدار ، هل نتحدث عن دورها البطولى والآمها النفسية والجسدية منذ أن بشرها الملاك بحلول الروح القدس عليها ، لتحبل بالسيد المسيح .... ، لتجوز تجربة صعبة ومريرة أمام خطيبها البار يوسف النجار ، أم نتحدث عن ولادتها للطفل يسوع ومعاناتها لتجد مكانا للولادة ، أم نتحدث عن الرحلة الشاقة لها وللقديس يوسف النجار على ظهر حمار إلى أرض مصر ، هربا من هيرودس ...... .

ثم أخيرا نراها واقفة أمام الصليب لتنظر أبنها وحبيبها يسوع المسيح ، الغصن الرطب وهو ينفذ فيه الأعدام بين أثنين من عتاولة اللصوص .... !! فى وقت هرب فيه التلاميذ الرجال !!! .

كيف استطاعت هذه الأم العظيمة ، أن تظل واقفة لساعات على رجليها لترى أبنها مخلص البشرية وهو يتعذب دقيقة بدقيقة ، حتى أسلم الروح فى يدى الآب ؟

كيف تحملت تعييرات هؤلاء الأفاقين لأبنها الذى قدم الخير لكل الناس ، ولابد أن أستهزاء هؤلاء ليسوع قد نالت منه أيضا العذراء ومن هم حول يسوع من المريمات ؟ ! .....

إن تنفيذ حكم الأعدام حاليا فى أى شخص مجرم ، لا يتم علنا حرصا على مشاعر الناس الغريبة ، ولو تم علنا سنجد أن الكثيرين لا يجرؤن على مشاهدته .

إن الكتاب المقدس لم يقدم لنا وصفا كاملا للموقف الصعب للعذراء والمريمات ، ولكن يستشف أن العذراء قد تحطمت أعصابها تحت ضغط الحوادث منذ لحظة القبض على يسوع المسيح له المجد فى بستان جثسيمانى ، وحتى أتمام تنفيذ الحكم .

من الطبيعى ألا تقوى على الوقوف صاحبة ذلك القلب المعذب التى ذاقت مرارة الكأس الرهيبة وهى تشهد متوجعة الآم ابنها وهو ينازع الموت على الصليب ، ولا شك أن تنهار قواها الجسمانية ويدركها الأعياء بعد أن وقفت ساعات عند قدمى المصلوب تشاهد ابنها المعذب المائت ، فيأخذها يوحنا الحبيب الذى أستلمها من مخلصنا لتكون فى رعايته وعنايته مسندا إياها وسط الجموع الخشنة الفظة إلى الدار التى اتخذها مقاما مؤقتا فى أورشليم .

إن الآم العذراء .. هذه الأم الحنون .. لم تقتصر لرؤيتها لإبنها وهو فى هذه المحنة .. إنما امتدت لتتألم من أجل الآم اللصين المصلوبين أيضا .. برغم تعييرهما للمخلص فى بادىء الأمر .. ومازالت تتألم حتى الآن بسبب خطايا البشر التى تصلب إبنها الحبيب يسوع المسيح كل يوم .. وتسمره على الصليب من جديد !! .. إنها تدعو الجميع للتوبة ، وتدعو العالم لأن يشارك نيقوديموس ويوسف الرامى فى نزع المسامير من جسد إلهنا ومخلصنا .. .. ..

تأملوا محبة السيدة العذراء .. ومقدار تسامحها : لم توجه كلمة عتاب واحدة للتلاميذ الذين تخلوا عن إبنها فى يوم الصليب .. والآمه العظيمة .. بل كانت تواظب معهم على الصلاة والتسبحة .. فى منزل واحد .. فى العلية .. إنها رسالة لكل إنسان أن يتعلم كيف تكون المحبة .. وكيف يكون التسامح ؟ ...