English

سجل الزوار

 اضفنا للمفضلة

اتصلوا بنا

الرئيسية

 

يا راعي إِسرائيلَ، كُن سَمعيا يا مَن عَلى ٱلكاروبيمَ ٱستَوى أَيقِظ جَبَروتَكَ وَهَلُمَّ لِخَلاصِنا يا إِلَهَ ٱلقُوّاتِ، عُد إِلَينا وَتَطَلَّع مِنَ ٱلسَّماواتِ مُتبَيِّنا وَتَعَهَّد هَذِهِ ٱلكَرمَة وَٱحفَظ ٱلنَّبتَ ٱلَّذي غَرَسَتهُ يَمينُكَ وَٱلغُصنَ ٱلَّذي جَعَلتَهُ يَنمو

 
حياة الأم ماري الفونسين زمنُ مجيءٍ دائم
 
 
 

 
     
 

تعرّف الكنيسة زمن المجيء على أنه زمن التهيئة للاحتفالات الميلادية، حيث يذكر المجيء الأول لابن الله بين البشر. وهو، في الوقت عينه، الزمن الذي فيه توجّه هذه الذكرى النفوس إلى انتظار مجيء المسيح الثاني في آخر الأزمنة. وفي هذا الضوء، يظهر زمن المجيء في صورة انتظار تقويّ بهيج.

ولا بدّ لنا، مع بداية السنة الليتورجية الجديدة، ونحن ننطلق نحو المستقبل، أن نعود بذاكرتنا إلى رواد القداسة الذين ساروا قبلنا مسيرة الإستعداد للقاء المسيح. ومن أَولى بالتأمل والإقتداء أكثر من بنت أرضنا  وطوباوية عصرنا، ومؤسسة رهبانيتنا، الطوباوية ماري ألفونسين غطاس؟ لذا دعونا نرفع مرساة بواخرنا لنبحر في روحانية طوباويتنا ونكتشف كيف عاشت، على مثال العذارى الحكيمات، السهر الدائم لملاقاة العريس الإلهي.

عندما نتكلّم عن زمن المجيء وأجواء عيد الميلاد، تتبادر إلى أذهاننا بلدة بيت لحم، حيث جاءنا الرب في تواضع الجسد، وهذه البلدة عينها قد كانت في حياة الطوباوية ألفونسين محطة مهمة، لا يمكن المرور عنها دون التوقف عندها. إذ فيها، ولأول مرة، ظهرت العذراء لأمتها ألفونسين التي تقول : " كنت أتلو المسبحة الوردية على انفراد في محلّ مزين لاحتفال عيد ميلاد ربنا يسوع المسيح له السجود وهذا في بيت لحم في المدرسة الراعوية.... وحسيت قلبي قد اضطرم ملتهبًا بمحبة أمي مريم البتول، وظهر لي بغتةً نورٌ عظيمٌ بهي ما يمكن وصفه، وبه ظهرت لي بغتةً الأم الحبيبة سيدة الوردية". ففي بيت لحم حيث أعرب الله عن رغبته بدخول ابنه العالم وكشف عن محبته لبني البشر، أعربت العذراء عن رغبتها برهبنة الوردية وكشفت محبتها لبني جنسها. وليس هذا من قبيل الصدفة، فالمسيح الذي ظهر مرة في الجسد ليشارك الإنسان الطبيعة البشرية، لا يزال يعتني بالبشر من خلال كنيسته.

وزمن المجيء يذكرنا أيضًا أننا إلى الوطن السماوي مسافرون، ويحاول أن يوقظنا من غفوتنا ويوطد أمانتنا كي نلاقي المسيح ومصابيحنا مشتعلة. هذه الفكرة ظللت طوباويتنا المتواضعة. إذ لم تغب لحظة عن ذهنها طبيعتها الخاطئة ولم تأنف يومًا العمل على تقديس هذه الطبيعة. وقد كتبت في مذكراتها: " وكنت أقول لها وقت صلواتي : يا أمي كيف تتنازلين وتزورينني؟ هل نسيت أني خاطئة عظيمة وألوفًا من الخطايا أنا فعلت؟ "وفي مكانٍ آخر تقول :" لأني أتنهد أسفًا وأقول: أواه لو كنت أبدأ حياتي، لكنت بعونه تعالى أعيش أحسن مما عشت ". عاشت الطوباوية حياتها في حالة توبةٍ دائمة وجهادٍ مستمر واستعداد للحظة المثول أمام من كرّست له حياتها لكي تظهر عندئذٍ بحلة بيضاء مغسولة من أوحال الخطيئة. ودعونا نتأمل بعباراتها التي تعبّر عما في داخلها أكثر من كل كلمات العالم : " وصارت لي منذ ذلك الوقت الإماتات راحة. وكل الاضطهادات فرحا وكنت أسمع التوبيخات كأنها إكرامات ومديح وصرت ليس أحتمل بصبر فقط بل أفتّش على فرصة للإحتمال والعذاب. فمن أين لي هذه الحالة سوى منك يا إلهي الذي غيّرتني فلك الشكر دائمًا".

ونحن؟! ما هي استعداداتنا للميلاد؟؟ والسؤال الأكبر : ما هو استعدادنا لمجيء المسيح الثاني؟؟

عاشت ماري ألفونسين حياتها الأرضية والحياة الأبدية نصب أعينها، ونحن نسعى لادّخار الكنوز على هذه الأرض وكأننا لن نموت أبدًا. فلنستفد من هذا الزمن المجيد الذي تعطينا إياه الكنيسة كإستعدادٍ روحي. ولنقتفِ آثار هذه الطوباوية التي قضت حياتها في شكل إستعداد مستمر وكأن حياتها زمن مجيءٍ دائم.