HOME

 

الصوم.. مسيرة جهاد

 
 

 


تبدأ الكنيسة الكاثوليكية في العالم مسيرتها من جديد لتعلن إنطلاقة الزمن الأربعيني المقدس حيث فيه يعيش المسيحي المؤمن جهاده الروحي الحقيقي بتواضع ليعبر عن حبه الكبير لإله بذل ذاته لأجل حياة تتجدد فيها روح الإنسان وتعطيه كرامة حقيقة ومعنى أفضل، أيامٌ فيها قدسية وفيها كل المعاني السامية لعيش الإنسان بمسيرة جهاد كبيرة لا بل تحد كبير لما إعتاد عليه خلال أيامه العادية ليتجرد منها بأيام يتطلب عليه أن يعيش فيها بذل الذات وان يكون اكثر عطاء واكثر تواضعًا لعيش تلك المسيرة، مسيرة الجهاد الروحي لنيل إكليل الغار وإكليل الإنتصار ليغلب كل ضعف ويتحايل على كل مصاعب وتحديات الشيطان التي توهم فكر الإنسان بالغرور والسير وراء مغريات هذا العالم الفاني، كم من متمرد سقط في حفر هذه الحياة وكم إنسان عاش أسيراً في قبضة الضعف والخطايا التي شوهت صفحات حياته.

لذا هذا الزمن المقدس بأيامه المباركة تترك فرصة كبيرة للانسان المسيحي أن يتخلى عن تلك التشوهات وينزعها من جسده ومن صفحات حياته ليجعل منها فرصة لا بل باب يدخل من خلاله إلى باب رحمة الآب الكبيرة ليعيش كما اسلفت سابقا ً مسيرة جهاد تعطر مسيرة حياته على الأرض فيكون اقرب من الصليب ويكون أقرب إلى تلك النهاية التي فيها يلبس ثوب النقاء والطهارة وفيها يعانق من أعطاه الحياة لتكون له الأفضل لأنه أتى لتكون لنا أفضل.

لذا فليكن الصوم مسيرة فرح تنتظر بعدها بوابة الأمل والرجاء لتفتح لك طريق النجاة إلى حيث يكون السلام وحيث يكون الهناء مع إله تألم وتسمر على خشبة الصليب ليكون لك الصليب علامة حب وغلبة لتحمله أنت من بعده بإيمانك ومحبتك الكبيرتين لتشهد بحياتك له لتكون تلميذاً اميناً حاملاً شعلة الإيمان معك أينما كنت . فلا يكون الصوم مجرد ايام تعيشون فيها تقاليدكم الخاصة وأجتهادتكم الخاصة أيضاً فأعطوه روح التضحية وبذل الذات وعيش الرحمة مع ذاك القريب والبعيد وسطروا في تلك الايام المقدسة قيم التسامح الحقيقة والتعمق أكثر بجهاد يسوع من اجلكم وتضحيته لأن تكون لكم الحياة فكونوا على مثال المعلم واعطوا من حياتكم للآخر وكأنكم للمسيح تفعلون كل شيء.

ها هو ينتظركم ها هو على قارعة الطريق هناك بلا مأوى، ها هوهناك في ملجأ تركوه دون رحمة، ها هو تحت جسور الطرقات بلا غطاء يرتجف من برد الليل، وها هو هناك يمد يده طالباً منكم كأس ماء بارد. فلا تقسوا قلوبكم فعيشوا الرحمة خلال هذه المسيرة، مسيرة جهادكم الروحي الكبيرة فستجدون يسوع بينكم في كل مكان وفي وجه كل أنسان متعثر تركه الزمان هناك لتقوده أنت إلى حيث يجب فكن إنسان وكن رحيماً وكن متواضعاً وكن مؤمناً وكن صبوراً لتعيش الصوم بقداسة حقيقية، فهيا أطرقوا الأبواب وأبحثوا عن كل محتاج وأنشروا المحبة في كل مكان وشيدوا لكم بيتاً في السماء حيث الملائكة تنشد وتهلل لملك الأرض والسماء.