HOME

 

"لا تُخبِروا أَحدًا بِهذِه الرُّؤيا إِلى أَن يَقومَ ابنُ الإِنسانِ مِن بَينِ الأَموات"

 
 

إنجيل القدّيس متّى .9-1:17

في ذَلِك الزَّمان: مَضى يسوعُ بِبُطرسَ ويَعقوبَ وأَخيه يوحَنَّا، فانفَردَ بِهِم على جَبَلٍ عالٍ،
وتَجلَّى بِمَرأًى مِنهُم، فأَشَعَّ وَجهُه كالشَّمس، وتَلألأَت ثِيابُه كالنُّور.
وإِذا موسى وإِيلِيَّا قد تَراءَيا لَهم يُكلِّمانِه.
فخاطَبَ بُطرُسُ يسوعَ قال: "يا ربّ، حَسَنٌ أَن نكونَ ههُنا. فإِن شِئتَ، نَصَبْتُ ههُنا ثَلاثَ خِيَم: واحِدَةً لكَ وواحِدَةً لِموسى وواحِدَةً لإِيليَّا".
وبَينَما هُوَ يَتَكَلَّم إِذا غَمامٌ نَيِّرٌ قد ظلَّلهُم، وإِذا صَوتٌ مِنَ الغَمامِ يقول: "هذا هَو ابنيَ الحَبيبُ الَّذي عَنهُ رَضيت، فلَهُ اسمَعوا".
فلَمَّا سَمِعَ التَّلاميذُ ذلك، سَقَطوا على وُجوهِهِم، وقدِ استَولى علَيهِم خَوفٌ شديد.
فدنا يسوعُ ولمَسَهم وقالَ لَهم: "قوموا، لا تَخافوا".
فَرفَعوا أَنظارَهم، فلَم يَرَوا إِلاَّ يسوعَ وحدَه.
وبَينما هم نازلونَ مِنَ الجَبَل، أَوصاهُم يسوعُ قال: "لا تُخبِروا أَحدًا بِهذِه الرُّؤيا إِلى أَن يَقومَ ابنُ الإِنسانِ مِن بَينِ الأَموات".



"لا تُخبِروا أَحدًا بِهذِه الرُّؤيا إِلى أَن يَقومَ ابنُ الإِنسانِ مِن بَينِ الأَموات"

لقد حدّث الرّب يسوع المسيح تلاميذه كثيرًا عن عذاباته، آلامه وموته، وتنبّأ لهم عن الآلام الّتي سيتحمّلونها بأنفسهم والموت القاسي الّذي سيُذيقونهم إيّاه يومًا ما (راجع مت 16: 21-26). لهذا السبب، وبعد أن قال لهم هذه الأشياء القاسية والصعبة جدًا، جرّب أن يعزّيهم بالتذكير بالمكافآت الّتي سيعطيها عندما يأتي في مجد أبيه (راجع مت 16: 27)... لقد أراد أن يُظهِر لهم مسبقًا عظمته الكبرى بقدر ما استطاعوا التحمّل في هذه الحياة، كما أراد بان يريهم عظمته الّتي سوف يعود بها (في مجيئه الثّاني) لكي يجنّبهم الاضطراب والألم الَّذين سوف يشعر بهما الرّسل في ساعة آلامه موته، وخاصةً القدّيس بطرس.

"مَضى يسوعُ بِبُطرسَ ويَعقوبَ وأَخيه يوحَنَّا، فانفَردَ بِهِم على جَبَلٍ عالٍ". لماذا لم يأخذ معه إلّا هؤلاء الرسل؟ لأنّهم، ومن دون شك، يتقدّمون الآخرين. فالقدّيس بطرس، بسبب حماسه وحبّه؛ والقدّيس يوحنّا، لأنّه كان التلميذ الّذي أحبّه الرّب يسوع (راجع يو 13: 23)؛ ثمّ القدّيس يعقوب لأنّه قال مع أخيه: "نستطيع أن نشرب كأسك" (راجع مت 22:20)، ولأنّه التزم بكلمته لاحقًا (أع 12: 2)...

لماذا ظهر الرّب يسوع مع موسى وإيليّا؟... لقد اتُّهم بلا انقطاع بانتهاك الشريعة والتجديف، وبالاستيلاء على مجد ليس له، مجد الآب... فلكونه أراد أن يُظهر أنّه لم ينتهك الشريعة ولم يستول على مجد ليس له، استعان الرّب يسوع بسلطة شاهدَين لا عيب فيهما أبدًا: موسى، الّذي أعطى الشريعة...، وإيليّا، الّذي احترق بغيرة شديدة على مجد الله وخدمته (راجع 1مل 19: 10)... لقد أراد أن يعلّم أيضًا أنّه هو سيّد الحياة والموت، بأنّه أتى بإنسانٍ ميت (أي موسى) وإنسانٍ آخر حُمل حيًّا في عربة من نار (أي إيليّا) (راجع 2مل 2: 11). كما أراد أن يكشف لتلاميذه مجد صليبه وأن يعزّي ويشجّع بطرس ورفاقه الخائفين من آلامه. لقد تكلّم موسى وإيليّا معه عن المجد الّذي سوف يناله في أورشليم (راجع لو 9: 31)، وهذا يعنى أنّهما تكلّما عن آلامه وصليبه الَّذين سمّاهما الأنبياء دائمًا مجده.