سجل الزوار

 اضفنا للمفضلة

اتصلوا بنا

الرئيسية

 

الحياة المسيحية في الأسرة


الحياة المسيحية في الأسرة

1- الأسرة مكان حفاوة وإيمان :

إنّ كلّ ما يختصّ بالشخص البشري وعلاقاته الشخصية اليوم، هو على وجه العموم، موضوع تقدير كبير. والأسرة والحياة العائلية تفيدان أيضاً من هذا التقدير.
فالأجيال الجديدة ترى في الأسرة مكاناً أصيلاً لاختيار بذل التضحية والحفاوة والمحبّة والفرح. فالولد يكتسب في الأسرة بالنسبة إلى الحياة تلك الثقة الأساسية التي تمكّن الإنسان من اكتشاف نفسه وبذل ذاته
والذي لم يختبر الثقة ليس بإمكانه أن يثق بدوره، ويكون من الصعب عليه أن يركن إلى آخرين. ولا شيء يحلّ البيئة العائلية وما توفّره من خبرة في هذا الموضوع: فالأولاد يحتاجون إلى عائلة، في حضنها يقومون مع إخوتهم وأخواتهم وهم مغمورون بعطف والديهم، بالتدريب على تصرّفات اجتماعية لا غنى عنها في نضوجهم.
وعندما ينعدم أمان الأٍسرة، تتعرّض علاقة الأولاد بيئتهم الحياتية لخطر الانفصام.

وفي وسط الأسرة يُربّى الأولاد على التأثّر بالقيم والقدوات وبالوهن والخطأ، وبآراء مختلفة ومنازعات، كلّها عوامل نمو ونضوج. كما أنّ مثل الوالدين يتيح لهم اكتشاف التعابير الحسّية للمحبّة وتقاسم الأعباء.
ونوع العلاقة بين الوالدين يُسهم في تكييف موقف الأولاد من الجنس والحبّ والإخلاص و الثقة. وفشل زواج الوالدين يؤثّر أكثر من أي خطأ آخر على موقف الأولاد من الحياة.

2-الأسرة مكان تربية وتثقيف

تتطلّب وظيفة الأهل أن يتعرّفوا إلى ما في الحياة من علاقات ويدركوا ما عهد له إليهم من قيم وأنظمة للحياة.

وفي ارتباطهم بمؤسسات تربوية وتثقيفية أخرى، يحقّ لها كما يجب عليها، أن تربّي الأولاد والشباب من أجل تأهيلهم لكي ينهضوا بأعبائهم في الأسرة والمجتمع والكنيسة.


3-الأسرة كنيسة منزليّة

منذ العصور الأولى، تولي الكنيسة أهمّية كبرى للكرازة المتعلّقة بالأسرة المسيحية. فها هو القديس يوحنا الذهبي الفم، منذ أواخر القرن الرابع، يدعو الأسرة" كنيسة "، كما تصف، اليوم أيضاً، وثائق الكنسيّة الأسرة المسيحية " بالكنيسة المنزلية" (ك11)، أو" بمعهد الكنيسة البيتي "(ر ع 11)
أو " بالكنيسة المصغّرة " ( ش ع 49).
إنّها، بنوع خاصّ صورة وتحقيق " للوحدة التي تربط المؤمنين بالمسيح، وتجمعهم بعضهم إلى بعض، في وحدة كنيسة الله "(ش ع 21).
فالكنيسة الشاملة والكنيسة المنزلية مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً إحداهما بالأخرى، وتقوم بين الاثنتين علاقة تنشيط وإخصاب متبادلين.

وللكنيسة رسالة، بالنسبة إلى كلّ البشر
بما في ذلك الأسرة. فالكنيسة تتيح لها أن تكون متحدة مع يسوع المسيح، وتمنحها توجيهاً مسيحياً:


- الكنيسة، بإعلان كلمة الله، تكشف للأسرة ما هي، وما يجب أن تكون، وفقاً لتصميم الربّ.

- والكنيسة، بالاحتفال بالأسرار، تُغني الأسرة وتثبّتُها بنعمة المسيح، كي تصيرَ مقدّسة، من أجل مجد الله.

- وتعيش الأسرة المسيحية اتّحادها بالله في الاحتفال بالأسرار وفي الصلاة المشتركة.
فعليها أن تتّصل باستمرار بجذورها الدينية.
فهذه قد أعطيت لها بالمعمودية والتثبيت
وهي تحدّد وتنعش في الاحتفال بالإفخارستيّا وفي قبول سرّ المصالحة. كما تقع مسؤولية خاصّة على الأسرة، في ما يخصّ التحضير لهذه الأسرار وقبولها، ومواكبة الأولاد والشباب في ممارستهم للأسرار وتعميقها فيهم. وكثيراً ما تأخذ مجموعات أسرية على عاتقها التحضير لسرّ التثبيت
أو يكون لآباء وأمّهات نشاط في التعليم المسيحي. ومن المهمّ أيضاً لحياة الأسرة أن تواكب الأزمنة المختلفة للسنة الليترجية. فالعادات المترسّخة تعمّق الإيمان وتقوّيه.

- وعلى الأسرة المسيحية أن تشهد لإيمانها. والزوجان يدعمُ أحدهما الآخر في الإيمان وينقلانه إلى أبنائهما، لا بالكلمات، في أوّل الأمر، بل بالعيش بمقتضى الإنجيل وتفعيله في حياة الأسرة. إنّ الأسرة التي تعي هذه الرسالة يعطي كلّ أعضائها بعضهم بعضاً شهادة الإنجيل. فالوالدان ينقلان هذه الشهادة إلى الأولاد، ويمكنهما أن يتلقّياها
بدورهما، منهم إنجيلياً حيّاً. وهكذا تغدو الأسرة أيضاً مبشّرة بالنسبة إلى أسر أخرى وغلى البيئة التي تحيا فيها ( إ إ 71).

تتوجّب مهمّة الكرازة هذه أيضاً على الأسر المبنيّة على الزواج الديني المختلط. وعليها تقع مهمّة السعي في اتّجاه الوحدة في الإيمان. ولذا تحتاج الأسرة إلى النصح والرعاية من قبل رعاة يعلّمونها الإيمان ويبشّرونها برسالة الكنيسة الأخلاقية.
إلاّ أنّ الأسر نفسها بإمكانها أن تتعاون وتتبادل النصح، من خلال مجموعات أُسر أو أصدقاء، كما في وسط الرعيّة. وذلك ضروريّ خصوصاً " حيث الكفر المنتشر أو النزعة الدنيوية الطاغية يحولان، عملياً، دون نموّ ديني حقيقي " ( ش ع 52).
وفي هكذا مواقف، غالباً ما تكون الكنيسة المنزلية المكان الوحيد حيث يُلقّن الأولاد والشبّان الإيمان ويختبرون حياة الإيمان.

على الأسرة المسيحية أن تكون مستعدّة لخدمة المحبّة لدى القريب. فدعوتها إلى الشهادة لمحبّة يسوع المسيح تتكفّل بها الأسرة بصورة مُقنعة، عندما تحتفي بالقريب، وتعتني بالمرضى والمسنين، وتمارس أعمال الرحمة.
على الأسرة المسيحية أن تحيا بمقتضى الشريعة الجديدة، شريعة المحبّة، أن تكون مستعدّة لاستقبال جميع الناس واحترامهم ومساعدتهم. عليه أن توقّر كلّ إنسان في كرامته كشخص وكابن لله.

- الأسرة هي حيّز حياتيّ، يمكن أن تكون حيّة فيه، باسم يسوع المسيح، تلك الوحدة التي تجعله حاضراً في وسطنا (رَ:متى 20:18). وبهذا بالذات تصير كنيسة منـزلية مرئيّة وفاعلة.

من حياة الأسرة يمكن للكنيسة ويجب عليها أن تكتسب المقاييس التي تُظهرها هي نفسها

"أسرة الله". عليها أن تتّسم ببُعد بيتي وعائليّ، وتسعى إلى نمط حياة أكثر إنسانية وأخوّة.

إنّ للأسرة المسيحية أهمّية يتعذّر استبدالها، بالنسبة إلى الكنيسة. فهي، ك " كنيسة منزلية " تُسهم بإيمانها وصلاتها وتصرّفها، في وسط الجماعة الكنسيّة والكنيسة الشاملة
وفي الوقت عينه تُشعّ في العالم.