English

سجل الزوار

 اضفنا للمفضلة

اتصلوا بنا

الرئيسية

مـريم والـدة اللـه

 
 

مقدمة: سموّ مقام مريم وجمالها

إن مقام مريم وجمالها يفوقان كل وصف" لا يستطيع أحد أن يضاهي مريم إذ لا أحد أكبر منها ما خلا الله الذي لا أكبر منه ". وسبق داود الملك وتنبأ عن البتول الممتلئة جمالاً وقال : قامت بنت الملك بالمجد والقداسة واشتهى الملك حسنك فنزل وحلّ في حشاك. مز45))

مريم فتاة بتول مختارة، أم بلا عيب، حمامة بيضاء كالثلج معصومة من الخطيئة الأصلية عاشت على الأرض زنبقة فواحة نضرة نقية طاهرة غير مدنّسة. جمال مريم فريد، وإزاء هذا الجمال تتحيّر العقول وينذهل الفكر، ويبقى الإنسان متحيّراً فيلتجئ إلى ابن الله ليعطيه نطقاً ويغني كنارته من موهبته حتى يرسم لوالدته صورة في غاية الحسن...

وإذ ينذهل العقل البشري من جمال مريم يتساءل من هي هذه العذراء الواقفة بين أجيال العالم تمنع الظلام أن يخيّم على أرجائه ؟ هي مريم المرسوم النهار على محيّاها والتي عندما تتكلم تشرق الشمس من شفتيها. اننا نمدح مريم مدحاً عظيماً اذا قلنا: كفى أن نقول عنك أيتها العذراء الطوباوية إنك أم سيدنا يسوع المسيح.

اختيار مريم أماً لله :

اختار الله مريم من قبل إنشاء العالم ليحقق مخطط الخلاص الذي قررته عنايته. انتخبها الآب منذ البدء ابنة له، واختارها الابن أماً له ، واصطفاها الروح القدس عروسة له . ولذا كانت مباركة منذ بدء حياته. و عصمها الله من الخطيئة الأصلية منذ أن حُبل بها. مريم  اصطفاها المسيح ابن الله من بين كل أجيال الخليقة واتخذ له منها جسداً وظهر على الأرض مثل إنسان متألم، هو الله. أمام هذا الاختيار يهتف الإنسان : فليُغبّط مريم من له فم ولسان ونطق فهي تستحق الغبطة. سعداً لك يا بنت الأبرار ، يا أم الله لقد نلت رحمة ووجدت حظوة وحملت الله فعظّم ذكرك في السماء وعلى الأرض .فمن يستطيع أن يمجّد بتوليتك أيتها البتول الطاهرة المجيدة والدة الإله الأم غير المتزوجة الممتلئة محاسن أم النور. إنك أنت وحدك والدة الله يا مريم التي صارت بمحاسنها أم سيد الملوك وفي هذا الصدد جاءت طلبة لمار يعقـوب:

" أقول وأنا مندهش اندهاشاً من المقام السامي الذي ارتفعت إليه مريم بنت الأرضيين. فهل النعمة هي التي استمالت إليها الابن أم هل هي حسنت لأن تكون أم ابن الله؟"

اختار الله الآب مريم لتواضعها كي تكون أماً لوحيده المخلص الموعود به ، فكتب رسالة سلام لم يسجّلها قلم ولم يخطّها مداد. بعث بها مع الملاك الى مريم : "يا ممتلئة نعمة ، لا تخافي  أراد الرب أن تكوني أماً لوحيده ومنذ الآن تحبلين حبلاً ملؤه العجيب و تلدين ولداً هو بكر الآب ولا انقضاء لملكه. إن الروح القدس يأتي إليك وقوة العلي تحلّ وتستقرّ بك فتلدين ولداً عجيباً يخلص البرايا بمولده ". وفي هذا تتوجه الكنيسة فرحة وهي تقول : يا أم الله ، انذهل جبرائيل ببتوليتك فكتف يديه وخرّ ساجداً لك و سلّم عليك ، فلقد تبيّن له أن سيده حالّ بك وانت مثل المركبة تحملين حامل البرايا " الحمامة الوديعة التي تحمل النسر الجبار " لقد أصبحت مقصورة مزيّنة دخلها الله وحلّ بك فصرت أم ربنا .

مريم البتول والدة الله الكلمة - الفادي

 لما شاء ربنا أن تصير الأمة أماً له ، تحرك كلمة الآب وهبط من مساكنه العلوية وحلّ بالعذراء، فحبلت به وولدته . فكل الرموز الغامضة بطلت بالحق الذي أشرق : "طوباك يا مريم بنت داود التي استحقيت أن تكوني أماً لله وقد تجسد منك . إنك فخر المعمورة يا والدة الله. ولدت العذراء الله الكلمة ، دخلها إلهاً وخرج منها إلهاً وإنساناً ، فهي والدة الله . ويقول مار أفرام الشاعر المريمي الأول : " تصرخ عظامي من القبر إن مريم ولدت الله وإذا خامرني ريب فليرذلني الحق وإن وجد في لساني تبديل فليُرمَ بي في جهنم مع يهوذا " .ا

 

المواضيع الكتابية المريمية :

إن عدنا إلى رسالة أم الفادي ، وعدنا إلى المجمع الفاتيكاني الثاني وبالأخص في الفصل الثامن من الدستور العقائدي في الكنيسة ، وعنوانه : الطوباوية مريم أم الله في سر المسيح والكنيسة، لنكتشف المواضع الكتابية التي تشدد عليها الكنيسة عندما تحدثنا عن مريم العذراء.

قال بولس الرسول إلى أهل غلاطية (4/4)" فلما تم ملء الزمن أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة ... " من هذه الآية انطلق المجمع الفاتيكاني الثاني ليشدّد على أن يسوع كان إنساناً حقاً وأنه أقام بين البشر بواسطة امرأة فأتم وعد الله للأنبياء . هذا يعني أن مريم تقبّلت ابنها وتقبّلت معه مواعيد الله.

بدأ تاريخ الخلاص منذ زمن بعيد، وتمّ يوم أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة . وحين قبلت مريم عطية الله أتمت تاريخ الخلاص. وهكذا أدخل آباء المجمع مريم العذراء في تاريخ الخلاص، وما أرادوا أن يتأملوها وحيدة فريدة وكأنها ليست من نسل البشر. هي جميلة ولا شك، ولكنها ليست نبع الجمال، نبع الجمال هو الله. لعبت دوراً في سر الخلاص، ولكن المخلص الوحيد يسوع المسيح، وهي كانت خادمة سر الخلاص فوقفت قرب صليب ابنها على الجلجلة.

أجل ان العذراء تنتظر مجيء الرب في حشاها كما انتظر الشعب مجيء الرب في وسطه . هنا يلتقي الرب وشعبه في جو من الفرح يدوم الى الأبد. ذاك هو الفرح المسيحاني ، لأن الله حاضر بيننا، ولأن حضوره يكمّل عطاياه. في هذا الفرح المسيحاني يمتزج صوت مريم بصوت شعب العهد القديم، بصوت الكنيسة الأولى: "تعظم نفسي الرب ، وتبتهج روحي بالله مخلصي " (لو 1/46- (47